أنا مدمن على المواد المخدرة، أتناول الحشيش والهيروين منذ ثلاث سنوات، شُخصت باضطراب استخدام المواد المخدرة، حاولت مرارًا وتكرارًا التوقف لكني أنتكس وأعود إلى ما كنت عليه مرة أخرى، أعاني كثيرًا من التوتر والقلق بل أفكر كثيرًا في الانتحار، وأفضل الابتعاد معظم الوقت عن الناس، أجد في هذا البعد الراحة فلا أستطيع مواجهة عائلتي ولا أصدقائي، الآن أحاول التعافي وأشعر بقلق شديد حيال الانتكاس، فهل سأعود مرة أخرى إلى الإدمان؟
لا تقلق يا عزيزي فكل مشكلة ولها حل، سنتعرف في هذا المقال على اضطراب المواد المخدرة، وأسبابه وأساليب بدء العلاج المناسب لحالتك أو حالة أحد المقربين منك الذي يعاني من هذه المشكلة.
المحتويات
ما هو اضطراب المواد المخدرة؟
اضطراب استخدام المواد المخدرة (SUD) حالة معقدة تتعلق بالاستخدام المتكرر وغير المتحكم به لمادة ما مع تجاهل العواقب الضارة لهذه المادة، يركز المصابون باضطراب تناول المواد بشكل مكثف على تناول مادة معينة مثل الكحول أو التبغ أو المخدرات غير المشروعة، إلى الحد الذي تصبح فيه قدرة الفرد على العمل في الحياة اليومية ضعيفة ومنعدمة أحيانًا، يستمر مدمني المواد في استخدام المادة المخدرة حتى عندما يعرفون أنها تسبب لهم مشاكل، تسمى أكثر حالات اضطراب استخدام المواد المخدرة SUD حدة بالإدمان، يمكن أن يدمن الفرد على:
- الكحول.
- القنب الهندي.
- PCP و LSD ومسببات الهلوسة الأخرى.
- المستنشقات، مثل مخففات الطلاء والصمغ.
- مسكنات الألم الأفيونية، مثل الكوديين والأوكسيكودون والهيروين.
- المهدئات والمنومات ومضادات القلق (أدوية القلق مثل المهدئات).
- الكوكايين والميثامفيتامين والمنشطات الأخرى.
- التبغ.
يعاني المصابون باضطراب تعاطي المخدرات SUD أحيانًا من مشكلات في التفكير والسلوك، وكذلك يحدث لهم تغييرات في بنية الدماغ ووظائفه وهي التي تجعل لدى الناس رغبة شديدة في تناول المواد، وكذلك التغيرات في الشخصية، والحركات غير الطبيعية، والسلوكيات الأخرى غير العادية، تُظهر دراسات تصوير الدماغ حدوث تغييرات في مناطق الدماغ التي تتعلق بالقدرة على الحكم واتخاذ القرار والتعلم والذاكرة والتحكم السلوكي لدى من يعانون من اضطراب استخدام المواد المخدرة.
يُسبب تعاطي المخدرات المتكرر تغييرات في كيفية عمل الدماغ، يمكن أن تستمر هذه التغييرات لفترة طويلة بعد زوال الآثار الجانبية الفورية لتناول المواد، أي بعد فترة الانتشاء، يعد الانتشاء أو التسمم هو اللذة الشديدة والنشوة والهدوء وزيادة الإدراك والإحساس وغيرها من المشاعر التي يسببها تناول المواد، تختلف أعراض التسمم أو الانتشاء لكل مادة.
عندما يعاني شخص ما من اضطراب استخدام المواد المخدرة SUD، فإنه عادة ما يعتاد على المادة مما يعني أنه يحتاج إلى كميات أكبر ليشعر بهذه الآثار التابعة لتناول المواد.
أسباب تناول المواد المخدرة
وفقًا للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات، يبدأ الأشخاص في تناول المواد لأسباب متنوعة، بما في ذلك:
- الشعور بالرضا والشعور بالسعادة أو “الانتشاء” أو “الثمل”
- الشعور بتحسن أو تخفيف التوتر أو نسيان المشاكل أو الشعور بالخدر
- القيام بعمل أفضل أو تحسين الأداء أو التفكير
- الفضول وضغط الأقران أو الرغبة في التجربة
بالإضافة إلى المواد المخدرة، يمكن للأشخاص أيضًا تطوير إدمان السلوكيات، مثل القمار أو إدمان ألعاب الفيديو.
قد يكون الأشخاص الذين يعانون من اضطراب تناول المواد المخدرة والإدمان السلوكي على دراية بمشكلتهم ولكنهم لا يستطيعون التوقف حتى إذا أرادوا ذلك وحاولوا فعلًا، يُسبب الإدمان مشاكل جسدية ونفسية بالإضافة إلى مشاكل شخصية مثل مع أفراد الأسرة والأصدقاء أو في العمل، يعد تناول المواد من تعاطي الكحول والمخدرات أحد الأسباب الرئيسية للإصابة ببعض الأمراض وكذلك الوفاة المبكرة.
أسباب اضطراب استخدام المواد المخدرة
الاضطرابات المرتبطة بالمواد معقدة، تؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب وخيمة على الفرد، وتتضمن العمليات البيولوجية التي تسبب اضطراب استخدام المواد المخدرة مسارات المكافأة في الدماغ، توفر هذه الدوائر اندفاعات من الشعور الإيجابي والمواد الكيميائية التي تمنحك شعورًا جيدًا نتيجة تناول المواد المخدرة.
تخضع مناطق الدماغ المسئولة عن الإجهاد وضبط النفس أيضًا لتغييرات طويلة المدى ناتجة عن اضطراب تناول المواد، يساهم هذا الأمر في عدم القدرة على التوقف عن تناول المواد، غالبًا ما يكون تناول المواد اختياريًا في المقام الأول، ويتطور إلى الإدمان الكامل عن طريق مجموعة متنوعة من الظروف، يتغير الدماغ كثيرًا أثناء اضطراب استخدام المواد المخدرة، هذا ما يتطلب وقتًا طويلاً للعودة إلى الحالة الصحية الطبيعية.
يشعر الشخص الذي لم تتغير دوائر المكافأة في دماغه نتيجة تناول المواد المخدرة بمشاعر إيجابية فيما يتعلق بالسلوكيات المجزية بشكل عام، مثل ممارسة الرياضة أو التواجد مع العائلة أو تناول طعام لذيذ، يحفز هذا مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة على تكرار هذه السلوكيات واستعادة ذلك الشعور الإيجابي مرة أخرى.
ينتج تناول المواد المخدرة شعورًا بالبهجة من خلال تحفيز كميات كبيرة من الدوبامين في مناطق معينة من الدماغ، وخاصة تلك المسئولة عن الشعور بالمكافأة، يحدث اضطراب تناول المواد عندما يسيطر استخدام مادة ما على هذه الدوائر ويزيد من الرغبة في استهلاك المزيد والمزيد من المادة من أجل تحقيق نفس التأثير الإيجابي.
يتوقف تناول المواد المخدرة عن خلق نفس المشاعر المجزية التي تسبب بها في السابق، ومع ذلك إذا امتنع مصاب اضطراب تناول المواد المخدرة عن استخدام هذه المادة، فإنه يبدأ في الشعور بأعراض الانسحاب والتي يمكن أن تكون مزعجة للغاية، يجد مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة نفسه يتناول المواد المخدرة ليشعر بأنه طبيعي، يحاول منع الانزعاج من أعراض الانسحاب.
يؤدي تناول المواد المخدرة والكحول أيضًا إلى إضعاف أداء قشرة الفص الجبهي، والتي تعد جزءً من الدماغ يدير اتخاذ القرارات التنفيذية، يجب أن ينبه هذا الجزء من الدماغ الشخص إلى العواقب الضارة لمثل هذا السلوك، لكن اضطراب استخدام المواد المخدرة يُضعف قدرته على القيام بهذه الوظيفة.
نوع المادة التي يتناولها مصاب هذا الاضطراب تعد عامل آخر واضح في الإدمان، على سبيل المثال المواد الأفيونية تسبب اضطراب استخدام المواد المخدرة بشكل كبير لأنها تستهدف المستقبلات في الدماغ مباشرة، يعتقد الكثيرون أن الماريجوانا لا تسبب اضطراب استخدام المواد بكثرة نتيجة لمحتواها الكيميائي، ولكنها تستهدف مراكز المتعة والمكافأة في الدماغ مما يسبب الإصابة باضطراب تناول المواد.
أعراض اضطراب تناول المواد
تُصنف أعراض اضطراب استخدام المواد إلى أربع فئات:
- ضعف السيطرة: الرغبة الشديدة فيتناول المواد المخدرة، المحاولات الفاشلة لتقليل تناول المواد أو السيطرة عليها.
- المشاكل الاجتماعية: يؤدي اضطراب استخدام المواد المخدرة إلى الفشل في إكمال المهام الرئيسية في العمل أو المدرسة أو المنزل؛ يتخلى عن الأنشطة الاجتماعية أو العملية أو الترفيهية أو تقليصها بسبب اضطراب تناول المواد المخدرة.
- استخدام محفوف بالمخاطر: أي استخدم المادة في ظروف محفوفة بالمخاطر؛ استمر في تناول المواد على الرغم من وقوعه في مشاكل كثيرة، كأن يتناول المخدرات أثناء القيادة مثلًا.
- التأثيرات الدوائية: أي الحاجة إلى كميات أكبر للحصول على نفس تأثير تناول المواد السابق لتناول أدوية علاج اضطراب استخدام المواد المخدرة.
يعاني العديد من الأشخاص من اضطراب استخدام المواد المخدرة إلى جانب اضطراب نفسي آخر، يسبق اضطراب استخدام المواد المخدرة اضطراب نفسي آخر في كثير من الأحيان، أو قد يؤدي استخدام مادة ما إلى إثارة اضطراب نفسي آخر أو تفاقمه.
علاج اضطراب استخدام المواد المخدرة
يتوفر الكثير من العلاجات الفعالة لاضطراب استخدام المواد المخدرة، يعد الاعتراف بالمشكلة الخطوة الأولى في علاج اضطراب استخدام المواد المخدرة، يمكن أن تتأخر عملية الاعتراف وإدراك المشكلة في حال كان يفتقر الشخص إلى الوعي بمشاكل تناول المواد المخدرة، على الرغم من أن تدخلات الأصدقاء وأفراد العائلة المقربين غالبًا ما تساعد في العلاج، إلا أن طلب العلاج الذاتي مرحب به دائمًا ويتم تشجيعه.
من الأفضل أن يقوم الطبيب المختص بإجراء تقييم للأعراض، لتحديد ما إذا كانت أعراض اضطراب استخدام المواد المخدرة أم لا، يمكن لجميع المرضى باختلاف مستويات الإصابة باضطراب تناول المواد المخدرة الاستفادة من العلاج، بغض النظر عما إذا كان الاضطراب خفيفًا أو متوسطًا أو شديدًا، لسوء الحظ لا يتلقى العديد من الأشخاص الذين يستوفون معايير اضطراب تناول المواد المخدرة العلاج على الرغم من أهمية العلاج.
نظرًا لأن اضطراب استخدام المواد المخدر يؤثر على العديد من جوانب حياة المصاب باضطراب تناول المواد المخدرة، فغالبًا ما تكون هناك حاجة للدمج بين أنواع متعددة من العلاج، يعد الجمع بين الأدوية والعلاج الفردي أو الجماعي هو العلاج الأكثر فعالية بالنسبة لمعظم المرضى، تعد مناهج العلاج التي تعالج حالة الفرد كاملة مع أي مشاكل طبية ونفسية واجتماعية متزامنة هي الأمثل، وتؤدي إلى التعافي المستدام والكامل من اضطراب استخدام المواد المخدرة.
تستخدم الأدوية للسيطرة على الرغبة الشديدة في تناول المواد المخدرة، وتخفيف أعراض الانسحاب، ومنع الانتكاسات، يساعد العلاج النفسي الأفراد الذين يعانون من اضطراب استخدام المواد المخدرة على فهم سلوكهم ودوافعهم بشكل أفضل وتنمية احترام الذات بشكل أكبر، والتعامل مع التوتر، ومعالجة المشكلات النفسية الأخرى.
تختلف خطة التعافي الخاصة بكل فرد عن الآخر لاختلاف احتياجات الشخص مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة، وقد تتضمن استراتيجيات خارج العلاج الرسمي، قد تشمل هذه:
- الاستشفاء، المتخصص في إدارة الانسحاب وإزالة السموم.
- المجتمعات العلاجية، بيئات خاضعة للرقابة الشديدة وخالية من المخدرات أي المصحات العلاجية.
- الرجوع إلى العلاج في العيادات الخارجية والعلاج النفسي.
- برامج العيادات الخارجية المكثفة.
- العلاج في مكان متخصص، والمسئول عن إعادة التأهيل.
- كثير من الناس يجدون مجموعات الدعم المتبادلة مفيدة سواء كانت خاصة بمدمني الكحول المجهولون، المقربون من المدمنين الآخرين.
- مجموعات المساعدة الذاتية التي تشمل أفراد الأسرة، أي مجموعات عائلة المدمن على تناول المواد المخدرة أو شريك مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة.
مبادئ العلاج الفعال لعلاج اضطراب تناول المواد المخدرة
صُممت هذه المبادئ الثلاثة عشر للعلاج الفعال من اضطراب استخدام المواد المخدرة SUD بناءً على ثلاثة عقود من البحث العلمي، تُظهر الأبحاث أن العلاج يمكن أن يساعد مدمني تناول المواد المخدرة SUD على التوقف عن تناول المواد المخدرة وتجنب الانتكاس واستعادة حياتهم بنجاح.
- الإدمان مرض معقد ويؤثر على وظائف المخ وسلوكه، لكن يمكن علاجه.
- ليس هناك علاج واحد مناسب للجميع.
- يجب أن يكون العلاج متاحًا ويسهل الحصول عليه.
- العلاج الفعال يلبي الاحتياجات المتعددة للفرد، وليس فقط السيطرة على تناول المواد المخدرة.
- استمرار علاج اضطراب استخدام المواد المخدرة SUD لفترة كافية من الوقت أمر بالغ الأهمية.
- الاستشارة الفردية أو الجماعية، والعلاجات السلوكية الأخرى هي أكثر أشكال العلاج من اضطراب استخدام المواد المخدرة شيوعًا.
- تعد الأدوية عنصرًا أساسيًا في العلاج بالنسبة للعديد من المرضى، خاصةً عندما ترتبط بالاستشارة والعلاجات السلوكية الأخرى.
- من الأفضل أن تُقيم خطة العلاج والخدمات المقدمة للفرد باستمرار وتعديلها حسب الضرورة للتأكد من أنها تلبي احتياجات مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة المتغيرة.
- يعاني العديد من مدمني تناول المواد المخدرة من اضطرابات عقلية أخرى أيضًا.
- تعد إزالة السموم بمساعدة طبية المرحلة الأولى فقط من علاج الإدمان، ولا تفعل في حد ذاتها سوى القليل للتغلب على اضطراب استخدام المواد المخدرة على المدى الطويل.
- لا يلزم أن يكون العلاج طوعياً حتى يكون فعالاً.
- من الضروري مراقبة مصاب اضطراب استخدام المواد المخدرة أثناء العلاج بشكل مستمر، حيث تحدث هفوات أثناء العلاج.
- من الأفضل أن تكشف برامج العلاج المرضى عن وجود فيروس نقص المناعة البشرية أي الإيدز أو التهاب الكبد B و C والسل والأمراض المعدية الأخرى، بالإضافة إلى تقديم النصائح الهادفة للحد من المخاطر ومساعدة المرضى على تعديل أو تغيير السلوكيات التي تعرضهم لخطر الإصابة بالعدوى أو انتشارها.
نتمنى أن نكون قدمنا إليك معلومات مفيدة عن اضطراب استخدام المواد المخدرة، من الأفضل استشارة الطبيب المختص إذا لاحظت أعراض هذا الاضطراب عليك أو على أحد المقربين منك، إذا كنت ترغب في الحصول على معلومات أكثر دقة واستفاضة، يمكنك الحصول على دورة تدريبية عن الإدمان وأنواعه من هنا.