قد تعتقد أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية يعيشون في زواج سعيد وناجح وقد تجد في ما يعرضوه على وسائل التواصل الاجتماعي من ضحكهم سويا أو المشي معا أو الخروج إلي أماكن رائعة أو احتفالهم بعيد زواجهم أمام الأصدقاء والعائلة، هل يمكن أن يكون الزواج من الشخصية النرجسية سعيد؟ هل يجب علينا أن نصدق هذه الصور؟ وما هي العلاقة بين الشخصية النرجسية والزواج؟
المحتويات
من هو صاحب الشخصية النرجسية؟
يتّسم صاحب الشخصية النرجسية بالعديد من الصفات، أهم هذه الصفات هو:
- يقلل من قدر الآخرين ليبرز قدره: فيسعى لخطف الأضواء بأيّ طريقة.
- يشعر بالغرور والعظمة: وكأنه أعلى شأنً من غيره ويشعر بالفوقية والأفضلية عن الآخرين.
- لا يفكر في مشاعر أحد: فلا يتعاطف مع الآخرين في الوقت الذي ينتظر أحد منه الشعور به والتعاطف معه.
- يلقي اللوم على الأشخاص من حوله: يُلقي اللوم والاتّهامات بشكل دائم على المُحيطين به، ولا يتحمّل مسؤولية.
- يعيش في الأوهام: أي أنّه شخص غير منطقيّ وغير واقعيّ ، ولديه أوهام مثل: المثالية وأوهام النجاح.
- لا يحترم أي وعود يقطعها على نفسه: ولا يلتزم بمواعيده.
- يستغل الآخرين دون أي تأنيب للضمير: أي أنّه يسعى لتحقيق ما يريد ومصالحه، ويرى أنّه يستحق معاملة خاصة.
تظهر صور وتصرفات وسلوك الزوجين جانب واحد فقط منهم وفي الواقع يحدث غير ذلك تماما فالواقع عكس ما نراه في صورهم، بمجرد انتهاء فترة الخطوبة فجميع هذه العلاقات التي يوجد فيها مصاب بمرض اضطراب الشخصية النرجسية نجد أن بها نوع من أنواع الإساءة وقدر كبير جدا من التوتر، والأشخاص مصابين اضطراب الشخصية النرجسية لا يوجد بينهم سمات متشابهة، فيعاني كل زوجين بطريقة خاصة من البؤس ومع ذلك فإن هذا البؤس يمكن التنبؤ به إلى حد ما.
الشخص ذو الشخصية النرجسية يتشاجرون مع شركائهم عادة بسبب أشياء تافهة، ويقومون بإهانة أزواجهم لفظيا، ويميلون إلى التحكم والتدخل في حياة الشريك، ويفعلون ويقولون أشياء مؤذية جدا بعيدة جدا عن حب الشريك وأحيانا تتعرض المرأة أو زوجة الرجل أو الشخص النرجسي للإيذاء النفسي والجسدي عادةً وتقوم بإخفاء الكدمات بالماكياج أو الملابس، وحتى لو لم يحدث شيء سيء بشكل واضح، إن معظم النرجسيين يحبون شعور الحرية عند تجاهل طلبات أزواجهم أو نسیانها، وعند عدم احترام أي وعود قطعوها إذا لم تعد ملائمة مع رغباتهم، مثل توعدهم بالعودة إلى المنزل مبكرا عند موعد تناول العشاء أو وعدهم بأن يكونوا مخلصين.
إذا حاول الشريك الآخر إجراء حوار حول نرجسية المصاب وما يشعر به أو شعوره بحدوث أمور غير عادلة، فيمكن أن يصبح الزوج النرجسي غاضب جدا فلا يرغب مصابون اضطراب الشخصية النرجسية في تقبل حقيقة أن بؤس زوجاتهم بسببهم في الأساس، وقد يقومون بتكذيب أو تحريف الحقيقة أو إلقاء اللوم على الشريك الآخر ويعتبرون أنفسهم الضحية الحقيقية، وكل ما يرغبون فيه في هذا الوقت يعتبروه أكثر أهمية لهم من أي شيء آخر حتى لو كان هذا الشيء هو سعادة الشريك.
لماذا يبدو الزوج النرجسي في غاية السعادة؟
السبب الحقيقي وراء ذلك هو أن أحدهم أو الاثنان يتظاهران بالسعادة، فمن صفات صاحب الشخصية النرجسية أنه يستطيع جعل الفرد الآخر أو الشريك يبكي قبل أن يذهب الاثنان لحفلة أو عشاء معين مع زوجين آخرين، ثم يقضون هذا الوقت في التظاهر بأنهم في غاية السعادة وكل شيء على ما پرام ويكون لكل منهم أسبابه الخاصة للقيام بعمل هذه المظاهر، إلي جانب أن الشخص النرجسي يحتاج إلى إظهار نفسه في صورة مثالية وعلاقة مثالية، سوف تتسأل لماذا يتقبل الشريك غير النرجسي هذا الشيء؟ والإجابة هي تجنبا للإحراج بشكل علني، لذلك يتقبل هذا الإدعاء.
والأسوأ أن شريك النرجسي قد يخاف ويخشى إخبار أي أحد بهذه الحقيقة الصعبة عن العلاقة لعدة سنوات وأحيانا لا يخبر أحد أبدا فيشعر في هذه الحالة بأمور كثيرة منها أنهم غير مستعدين لترك هذه العلاقة، وحتى عندما تصبح هذه العلاقة مؤذية لهم يبقى هؤلاء الأشخاص في المحافظة والاستمرار في علاقتهم مع الشخص النرجسي لأسباب عديدة مثل الحاجة إلى المال، أو الخوف من أن يصبحون بمفردهم والحب، أو المعتقدات الدينية، أو قضايا التبعية، أو عدم رغبتهم في حرمان أطفالهم من أحد الوالدين.
لا يحب العديد من أزواج النرجسيين المواجهة ويتمنون أن تتحسن هذه الأمور إذا قاموا بتجاهل السلوك السيئ، من المحتمل تواجد بعض الأوقات الجيدة مع الشريك النرجسي إذا كان يعمل بشكل جيد، ولذلك في الأوقات السيئة لا يريد الشريك الذي يتعرض للإيذاء أن يشكو علي أمل أن تسير الأمور على ما يرام. وعندما تسوء الأمور جدا ويصبح الشخص النرجسي غاضب ويقلل من قيمته، فيعرف الشريك غير النرجسي أنه إذا قام بالشكوى فستزيد الأمور سوءا.
الاستمرار في الزواج من نرجسي وتقبله
في حالة أراد الأزواج غير النرجسيون الاستمرار في هذه العلاقة، فيتعلمون تجاهل السلوك السيئ لشخص النرجسي ولكن مع مرور الوقت هذه الطريقة المعتمدة علي التجنب تسمح للزوج النرجسي بأخذ الكثير والكثير من السيطرة على كل جوانب حياتهم، قد يكون محاولة إخبار العائلة والمقربين بحقيقة العلاقة أمر محرج للغاية، يوجد ثلاث أشكال أساسية للأزواج النرجسيين وتختلف حسب درجة اضطراب الشخصية النرجسية وهم:
- 1- النرجسيون الاستعراضيون : عندما لا يلبي شريكهم أهواءهم ومطالبهم، يقومون بالغضب ويقللون من قيمته، وفي هذه الحالة نادرا ما يفي النرجسيون بأي وعود قاموا بقطعها على أنفسهم إلا إذا كان ما وعدوا به يتوافق مع ما يريدونه في الوقت الحالي، وإذا لم يكن الأمر كذلك فقد يتناسون الوعد، أو يزعمون أنهم لم يقطعوا وعد بذلك مطلقا ، أو لم يكونوا يقصدون ذلك.
- 2- النرجسيون المتخفيين : هم أقل مواجهة بشكل علني مع زملائهم ومن الواضح أنهم غير آمنين أكثر من النرجسيين الاستعراضيين، وإنهم يرون أنفسهم أحيانا على أنهم ضحايا ولا حول لهم ولا قوة، ويبالغون ويخرجون الأمور من سياقها لشرح وتوضيح وجهة نظرهم، أو يكذبون للتهرب من العواقب بشكل صريح.
- 3- النرجسيون الخبيثون : جميعهم مسيئون ومسيطرون وساديون، ويكذبون متى يريدون ذلك. ومعظم العقلاء الذين يملكون قدر ضئيل من احترامهم للذات والقدرة على العمل وكسب لقمة العيش، يتركون هذه الزيجات السيئة في نهاية المطاف. وإذا لم يفعلوا ذلك ، فمن المحتمل أن يصبحوا خائفين ومكسورين فمن الصعب تظاهرك بالسعادة عندما تكون في علاقة مع نرجسي خبيث.
هل ينجح الزواج من شخص نرجسي؟
يعتبر معظم الأزواج النرجسيّين لسوء الحظ لا ينعمون بحياة زوجيّة طبيعية بشكل كامل، فتؤثّر هذه الشخصية النرجسية على حياته الزوجية وعلاقته بالزواج أو زوجته، لأن لهذا الشريك والشخصية النرجسية الكثير من ردود الفعل الغريبة والخاصة ومنها التّشاجر المستمر على أمور بسيطة، ويميل إلى السيطرة و التسلّط، وعدم اختيار الألفاظ المناسبة للتّعبير عن الرأي أو النفس، وسواء كان الزوج أو الزوجة يتجاهل في كثيرا من الأوقات احتياجات الشريك الآخر، وينعكس ذلك على العلاقة الحميمة أيضا بينهم بشكل أو بآخر، كما أنّ الشخص النرجسي لا يحترم الوعود التي قطعها من قبل، بما في ذلك أيضا التعهُّد بالإخلاص والصدق في علاقة الزواج، أو حتى في أبسط المواضيع مثل الالتزام بالحضور في الموعد المتفق عليه أو مبُكّرا لدعوة عشاء مثلا.
وكما ذكرنا أنه لا يُمكن خلق حوار عقلاني بين الشريك والشخص النرجسيّ بسهولة، إذ إنّ الشريك النرجسي يعرف بسرعة الغضب وعدم تقبُّله النقد ولا الرأي الآخر، ويحرف الحقائق، وهذا يتسبّب في خلق حالة من التوتّر بين الطرفين، وتمنع الوصول إلى النتيجة المطلوبة، حيث إنّ الشخص النرجسي يُعتبر شخص غير مسئول بشكل عام، فهو لا يتقبّل تحمُل المسؤولية تجاه الحياة الأسريّة و الزوجية بشكل عام، ويُلقي اللّوم بشكل مستمر على الأشخاص المُحيطين.
أنّ الشخصية النرجسية ليست حالة يمكن تصنيفها هل هي جيدة أم سيئة؟!، وبالتالي يجب علينا فحص انطباعاتنا تجاه النرجسيّين، ومحاولة استيعابهم، وذلك رغبة في الجانب الإيجابي لهذه الشخصية، حيث يتصف أصحاب هذه الشخصية بالصلابة أمام التحديات المختلفة، وهم أكثر حزمًا في العديد من المواقف، ويتميزون بالذكاء والأداء المميز تحت الضغط، ولذلك يمكن لبعضهم أنّ يحقّق العديد من النجاحات على صعيد الحياة الأكاديمية والزوجية والمهنية.
حيث وجد الباحثون أن النرجسيين لديهم “الصلابة العقلية” هذا يمنحهم القدرة الكبيرة على النجاح، والصلابة العقلية هي سمة شخصية ذات علاقة قوية بالإنجاز والصحة العقلية.
لماذا تظهر لنا العلاقة مع الشخصية النرجسية وكأنها علاقة مثالية؟
- هناك الكثير من الأسباب التي تقف وراء أن تبدو العلاقة مع الشخص النرجسي مثالية، ومنها:
- قدرة الشريك النرجسي إظهار العلاقة الزوجية على أنها مثالية.
- تجنُّب الشخص غير النرجسيّ المشاكل والإحراج.
- خوف الشريك النرجسي من إطلاع الآخرين على عيوب وثغرات علاقته.
- تظاهر الشخص النرجسي بالسعادة أمام الآخرين، من خلال الكثير من السلوكيات مثل: على رأس هذه السلوكيات نشر صورهم على مواقع التوصل الاجتماعي، وهو الشيء الذي يوحي بعدم وجود أيّ مشاكل، أو تجديد العهود مرة أخري مع الشريك أمام الأصدقاء والعائلة.
كيفية التعامل مع الشريك أو الزوج النرجسي؟
هناك العديد من طريق التّعامل مع الزوج النرجسيّ وأهمّها:
- محاولة التعرف علي شخصية النرجسي بشكل صحيح: أي عدم النّظر إلى ما تعرفه عنه أنت وإنّما التركيز علي مواقفه وردود أفعاله للتعرف عليه علي حقيقته، إذ تؤدّي المعروفة والفهم السليم للشخص ومشكلته إلى إيجاد الحل المناسب للمشكلة، وإيجاد طريقة للتأقلم معها والتّعامل مع الشريك النرجسي، إذ يجب عليك البحث في علم النفس عن معني اضطراب الشخصية النرجسية، والتعرف علي كل ما يخص حال هذه الشخصية، وعواملها بما في ذلك العوامل الوراثية، أو سوء المعاملة، فإنّ أنسب طريقة للتّعامل مع الشريك النرجسيّ هي معرفة كل ما يخص هذا الاضطراب وكيفية التصرف مع الشخصيات التي تعاني اضطرابات شخصية كثيرة وخاصة الاجتماعية ومحاولة تدخل الحب في علاقتك معه ومعرفة مَن هو حقا من خلال فهم كل صفاته، وتقبُّله ومحاولة التأقلم على العيش مع هذه الحالة.
- تعزيز الثقة بنفسك: لا بدّ من محاولة تعزيز ثقتك بنفسك، وذلك بالعديد من الطرق، أهمّها:
- تحديد نقاط القوة عندك وتطويرها واستثمارها واستغلالها لتحسين حياتك، ومعرفة نقاط الضّعف التي تعاني منها، والقيام بمُعالجتها والتغلب عليها، وتذكير نفسك دائما بمميزاتك، ومحاولة تفادي النّدم على الماضي أو جلد الذات، لأنه لا يُجدي نفعا ووضع خطط مستقبلية، وعليك الاستمرار في الحصول على المعرفة وفي التعلم بشكل دائم، وكل هذا مع تفادي الوقوع في الغرور أو التعجرف، ولذلك فإن تقوية الثقة بالنفس لديك كشريك غير نرجسيّ، من أهم الطرق التي تُمكِّنك من العيش مع الشخص النرجسيّ، وتقبلك لإعجابه الدائم بنفسه.
- رسم حدودك الشخصية: من الضروريّ جدا أن ترسم حدود لشخصيتك وتُحافظ علي هذه الحدود، وترفض أيّ تعدي على خصوصيتك، وخاصة أن الشريك النرجسي يميل إلى التصرف بالطريقة التي يراها مناسبة، أو التي يريدها دون الاهتمام بغيره، مثل الذهاب للأماكن التي يفضلها بغض النظر عن رغبة الشريك الآخر، ويعمل على التحدث عن المشاعر أو طرح الأفكار التي يريدك أن تشعر بها، ويمكن أن يعبث بأغراضك الشخصية، كما أنّه قد يقول لك النّصائح دون أن تطلبها منه، والعديد من السلوكيّات الأخرى غير المحببة أو التي تستفزك، وهذا الأمر يتطلّب رسم الكثير من الحدود التي تمنع خلق المشاكل لاحقًا بين الطرفين.
- التكلم عن نفسك والقيام بإثبات وجودك: لا يمكن للشخص الصامت أن يعبر عن احتياجاته و نفسه، ولذلك لا بُدّ من التحدُّث عن نفسك كثيرا.
- يجب أن تُحدّد له ما الشيء المقبول في التّعامل وما هو الشيء المرفوض: والأخذ في الاعتبار أنّه قد لا يتفهم ذلك أو لا يلتزم بالتصرُّف بالشكل السليم أو كما يجب.
- كما يمكنك التحدث مع الشريك النرجسي: باستخدام المنطق والنبرة المناسبة للقيام بإقناعه، والبعيد عن استفزازه بأيّ طريقة، ومحاولة التوصل إلى نمط حياة يرضي الطّرفين.
- البحث عن أصدقاء داعمين: يجب عليك البحث عن طريقة لدعم الشريك النرجسي وهنا نجد أنّ المقربين والأصدقاء من أفضل أساليب الدعم الذين يُمكنك اللّجوء إليها في هذه الحالة، فعلى الشريك غير النرجسي القيام ببناء شبكة من العلاقات والصداقات.