ما لا تعرفه عن الشخصية السادية
ما هي الشخصية السادية؟ كيف يتجرد إنسان من كل المشاعر الإنسانية؟ كيف لا يحتوي قلب بني آدم على شيء غير العنف، والقسوة، والإذلال؟
هل تتابع الأحداث العنيفة التي تُعرض على مواقع التواصل الاجتماعي؟ كتعذيب أب زوجته وأولاده أو تعذيب أم أطفالها وقتلها لهم فيما بعد، هذه الجرائم منتشرة بشكل كبير على هذه المواقع.
هل تابعت ما فعله عدد من الأطفال منذ عام تقريبًا، عندما عذبوا كلبًا مسكينًا من كلاب الشوارع بطرق بشعة، وقاموا بتصوير فعلتهم وجريمتهم البشعة ورفعوا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول هؤلاء الأشخاص هذه الفيديوهات وكأنهم فخورين بفعلتهم، بل كانوا يظهرون علامات السعادة والفرح على وجوههم عندما كانوا يعذبون الكلب.
بالطبع هذا الكلب مسكين، لكن هؤلاء الأطفال الذين تخلت قلوبهم عن كل مظاهر الرحمة وتمكنت منهم الوحشية وتغلبت كل ما هو جميل بداخلهم مساكين أيضًا، فكيف سيعيشون حياتهم؟ ومن ناحية أخرى لماذا لا يُحاكم السادي؟ في هذا المقال عزيزي القارئ سنتعرف على صفات الشخص السادي، حتى تتمكن من اكتشافها بسهولة.
المحتويات
ما هي الشخصية السادية؟
يعرف الشخص السادي بأنه شخص متسلط، يجد متعته في تعذيب الآخرين، ويتلذذ بإحداث الألم اللفظي والجسدي والمعنوي كذلك عليهم، لا يعرف أبدًا معنى للتسامح ولا تقبل حقيقة أنه الشخص الخطأ، بل يحاول بشدة التقليل من قيمة وأهمية أي شخص يعرفه، ويتفنن في إذلاله وإهانته.
وبعد قيامه بهذه التصرفات العدوانية، لا يشعر مطلقًا بأي مشاعر ذنب أو لوم ولا حتى يؤنبه ضميره ولو بجزء بسيط، بل ينتظر منك الاعتذار والرجوع إليه مرة أخرى، ولا يتوفر في شخصيته الثقة بالآخرين أو إعطائهم الأمان، حيث أنه مريض بالشك.
لا تعتقد أن الأمر يتوقف عند ذلك، فالسادي يشعر بمتعة عند رؤيته أشخاص يتألمون، سواء كان ذلك في التلفاز أو في الحقيقة أو في الهاتف، بل يتطور الأمر لدى أصحاب الشخصية السادية أحيانًا إلى حد الاستمتاع بتخيل أشخاص يُعذبون.
اقتبس العلماء المختصين اسم الشخصية السادية لإطلاقه على أصحاب هذه الشخصية من اسم روائي فرنسي يدعى “ماركيز دي ساد”، حيث أنه شخص معروف بحبه الشديد لتعذيب الآخرين.
أسباب الإصابة بالشخصية السادية
لم يتوصل العلماء لمعرفة أسباب محددة للإصابة بالسادية، لكنهم يرجحوا عدة أسباب، من ضمنها:
الأسباب الجسدية
خلل في المخ: رجح بعض المتخصصون أن حدوث خلل بمناطق معينة في المخ يعد سبب رئيسي في الإصابة باضطراب الشخصية السادية.
الوراثة: وضح العلماء أن الشخص السادي قد يورث هذا الخلل في المخ من الآباء.
الأسباب التربوية
الملاحظة والتقليد: هل تعرف نظرية كرة الثلج؟ هذه النظرية تتعلق بتضخم كرة الثلج كلما تدحرجت أكثر، وهذا ما يوضح هذا الجزء، فتكمن خطورة اضطراب السادية في أنها تزداد وتضخم مثل كرة الثلج التي تتضخم كلما تدحرجت أكثر، فعندما يكون الأب مصاب باضطراب الشخصية السادية يتفنن في خلق أساليب تعذيب لابنه، هذا الأمر يجعله يكبر وهو معقد نفسيًا بل ويقلد أبيه ويعتقد أن هذا أمر طبيعي، ويصبح هو الأخر شخص سادي.
التجارب السيئة: لا نستطيع أن ننكر أثر هذه التجارب التي يقابلها الفرد في فترة الطفولة والتي تعمل بشكل كبير على تغير طبيعة الشخصية عندما يكبر.
أعراض الإصابة باضطراب الشخصية السادية
حتى تتمكن من اكتشاف إصابتك أو إصابة شخص قريب منك بالسادية، من الضروري أن تعرف ما هي أعراض اضطراب الشخصية السادية بشكل واضح، وهذه الأعراض هي:
- الرغبة في تعذيب الآخرين: يحب الشخص السادي سماع أنين وصراخ الآخرين أثناء القيام بتعذيبهم.
- التمتع بالسيطرة: عندما يتمكن السادي من شخص ما ويعذبه، يسعى بعد ذلك بطرق متعددة إلى السيطرة والتحكم به، ثم يضمن السادي أن هذا الشخص يقبل الإيذاء الدائم.
- السادية الجنسية: تعذيب الآخرين ليس الشيء الوحيد الذي يسبب الفرحة والسعادة للشخص السادي؛ بل يُثار المصاب بالسادية الجنسية ويتمتع ويشعر بنشوة أكبر عند التعامل بهذا النمط في العلاقة.
يمكنك قراءة مقال عن الشخصية السادية والجنس من هنا.
- التحرش الجنسي: تحب الشخصية السادية السيطرة على الآخرين كما وضحنا، وهي من أهم صفات الشخص السادي، حيث أنه يتوقع دائمًا خضوع الجميع له،ويعطي نفسه بناءً على ذلك الحق في التحرش بمن يريد دون الشعور بالخجل، ويتلذذ كذلك بملامح الخوف والرعب المرسومة على وجوه ضحاياه.
تتسبب هذه المشاكل الأخلاقية في فشل العلاقات التي يكونها الشخص السادي، سواء كانت علاقات اجتماعية، أو عاطفية، أو حتى عائلية.
الفرق بين الشخصية السادية والشخصية النرجسية
يخلط الكثير من الأشخاص بين اضطراب السادية واضطراب الشخصية النرجسية، في الحقيقة هناك عدد من الصفات التي يشترك بها كلتا الشخصيتين، إذ نجد أن كلا منهم يفضل استغلال الآخرين حتى يصلان إلى مصلحتهما، وتحب السيطرة علي الناس وإخضاعهم لرغباتهما.
لكن الفرق بينهما يكمن في التلذذ، حيث نجد أن الشخصية السادية تتمتع وتتلذذ بتعنيف وتعذيب الآخرين، بينما الشخصية النرجسية تتلذذ بالحصول على التقدير والإعجاب، والشعور بأنه شخص مميز ومحط أنظار الآخرين.
يمكن أن نوضح ذلك بتخيل الزوج ذو الشخصية النرجسية بأنه يشبه الطاووس، حيث بحب أن يحصل على تقدير زوجته كما يجب عليها أن تغير عليه، لكنه يهملها ويقلل من قيمتها أمام الآخرين دائمًا، بينما عندما تتخيل الزوج السادي، ستجده يحب تعذيب زوجته جسديًا، وبشكل أوضح أثناء العلاقة الزوجية، ويستمتع بإهانتها وإيذائها وسبها وإذلالها بكل الطرق.
احتمالية تغير شخص سادي
هل يتغير صاحب الشخصية السادية؟ نعم يمكن أن يتغير الشخص السادي، حيث يؤكد متخصصي الأمراض النفسية على إمكانية علاج الشخص السادي، لكن علاجه يستغرق وقتًا ومجهودًا كبيرًا إلى جانب الكثير من الصبر، وكذلك المداومة على حضور جلسات العلاج السلوكي.
يشدد الأطباء المتخصصين على أهم جزء في العلاج وهو رغبة الشخص السادي في التغير وإصلاح نفسه، أما إذا لم يكن لدية الرغبة في التغير والتعاون والالتزام بجلسات العلاج، فهذا سيعيق العلاج بشكل كبير.
ما هي الشخصية السادومازوخية؟
يتكون اسم “السادومازوخية” من مقطعين هما السادية والمازوخية، وجُمع بينهما في هذا المصطلح لأنهما كوجهي العملة الواحدة أي يكملان بعضهما.
حيث نجد أنه الشخصية السادية تستمتع بتعذيب الآخرين، وتستمتع الشخصية المازوخية أو الشخصية الماسوشية بتلقي التعذيب والضرب، كما أن اضطراب الشخصية المازوخية أطلق عليها هذا الاسم نسبة لروائي نمساوي يدعي ليبولد زاخر مازوخ، حيث تناول هذه الفكرة في أكثر من مؤلف له.
عندما تفكر في السادومازوخية، ستجد أنهما حقًا مكملان لبعضهما، فإذا عذب السادي العنف ضحيته وأقنعها بالوقوع تحت سيطرته والتحكم بها، خُلق منها شخص مازوخي، وفي حالة قام الشخص المازوخي بجعل شخص آخر يضربه ويذله، تحول هذا الشخص إلى شخصية سادية.
علاج اضطراب الشخصية السادية
في الحقيقة لا يمكن الجزم بوجود دواء معين متخصص في علاج اضطراب الشخصية السادية، لكن ينصح الأطباء بالأدوية عندما بوجد أمراض أخرى مصاحبة للشخصية السادية، مثل الاكتئاب أو الفصام وغيرهم، ويعتمد العلاج بشكل رئيسي على تعديل السلوك، وكما ذكرنا أعلاه، فالعلاج المعتمد على رغبة المريض فعال بصورة كبيرة، وكذلك رغبته في التعاون مع الطبيب المختص الذي يعالجه من رغبته في إيذاء الناس، ويعمل الطبيب على تعليم الشخص السادي التعاطف مع مشاعر الآخرين بدلًا من التلذذ بإيذائهم.
الشخص السادي في الحياة اليومية
لا تعتقد أن الشخصية السادية متواجدة فقط في أفلام الرعب، بل أنت نفسك يا صديقي قد تتعامل مع أشخاص مصابون بهذا الاضطراب بدرجات متفاوتة في يومك الطبيعي، ونعرض لك بعض الأمثلة على تصرفات الشخصية السادية في الحياة اليومية:
- تسبب هذا الشخص في طرد آخر من العمل بشكل متعمد دون أي سبب يستدعي حدوث ذلك.
- تعمد هذا الشخص إطلاق شائعات على بعض الأشخاص وتشويه سمعتهم.
- سرقة ممتلكات وأفكار الآخرين ونسبها إلى نفسه.
- محاولة إفساد علاقة شخص بآخر.
- التحرش الجنسي، اللفظي أو الجسدي، أو الإلكتروني.
- التنمر على أفراد أسرته وزملائه.
لا يمكنك بالطبع التوقف عن التعامل مع الشخصية السادية، فيمكن أن يكون هذا الشخص مديرك في العمل أو شخص من أفراد عائلتك، لذا من الضروري أن تضع حدود مع الآخرين، ولا تسمح لهم بأن يؤثروا عليك بشكل سلبي سوا كان بكلامه أو تنمره، أو بإجبارك على فعل شيء ما يخالف إرادتك، تعلم قول كلمة لا دائمًا.