مفهوم الصمود النفسي، كن حائطاََ لا ينكسر
هل سبق لك وإن رأيت حائطاً صامداً لا ينكسر رغم كل الظروف، وأخر يتصدع وينكسر بمجرد الطرق عليه؟!
هكذا هم البشر، حين تتعرض للمؤثرات الخارجية المختلفة تجد البعض يتمتعون بالصمود اللازم لمواجهه التحديات ولديهم ثقة كبيرة فى ذاتهم وإمكانياتهم، والبعض الآخر لا يقوى على الصمود فتزداد أنفسهم ضعفاً وتذبذباً، كيف يحدث ذلك؟ وكيف يمكننا تعزيز الثقة والثبات والصمود النفسي سريعاَ؟ دعنا نرى ذلك.
المحتويات
ما هو الصمود النفسي؟
الصمود النفسي هو قدرة الإنسان علي التأقلم مع المصاعب التي يواجهها وتجاوز المشكلات أو المعاناة مع الاحتفاظ بحالته النفسية كما هي في ظل المحن الشديدة والظروف الاجتماعية العصيبة سواء إن كانت مشكلات عائلية، عاطفية، صحية أو متاعب مهنية واقتصادية.
يرتبط الصمود النفسي بشكل سلبي بسمات الشخصية العصبية والانفعالية والتي تمثل ميولًا سلبية تجاه رؤية العالم ومواجهته على أنه تهديد كبير يصعب حله، بينما يرتبط بشكل إيجابي بسمات الشخصية المتوازنة والتي تمثل ميول كبير للانخراط بالمجتمع ومواجهة مشاكله مع ثقة الإنسان في النجاح.
و تختلف قدرة كل فرد على تحمل الضغوط والصدمات النفسية على حسب شخصيته، وبذلك تختلف درجات الصمود، لذلك من المهم الوصول الى أفضل درجاته والتى تحدث عند استعادة الإنسان لتوازنه بشكل سريع وسلس بعد التعرض للأزمة، بل إنه قد يوظف هذه الصعاب والمحن في تحقيق التكامل والنمو الذاتى، فهو مفهوم يحمل في معناه الثبات و الحركة معاً، وهو أيضاً نهج سلوكي يُتبع لمواجهة ضغوط الحياة بمختلف أشكالها.
ونتيجه لذلك يقاس الصمود النفسي بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال توافر المتغيرات الأكثر ارتباطاً به وهى العوامل الوقائية من ناحية وحجم الأزمة كدالة للنتائج الإيجابية أو النواتج السلبية من ناحية أخرى.
هل الصمود النفسي شيء نادر؟
بالعكس، إنه ليس نادراً أو قوة خارقة، ويمكن لأي شخص اكتسابه وتنميته، وهو ليس صفة يتصف بها الإنسان بل هو عملية نضج فردية مستمرة يسعي الفرد من خلالها لمعرفة قدراته ومميزاته وفهم ذاته.
هناك سوء فهم معروف حول الصمود النفسي وهو أن الأشخاص الصامدون نفسياً لا يعانون أبداً من أي مشاعر سلبية ويحافظون دائماً على تفائلهم مهما كانت المواقف التي يتعرضون لها، إلا أن الحقيقة معاكسة تماماً فالأشخاص الصامدون إستطاعوا اكتساب أساليب التأقلم مع الوقت وهذا ما جعلهم متمكنون من فهم مشاعرهم السلبية وتجاوز الأزمات بصورة فعالة.
من أين جاء الصمود النفسي؟
الصمود النفسي يمثل لبنه هامة في علم النفس الإيجابي، الذي يعظم النفس والقوي الإنسانية ويسعى لفهمها واكتشافها وتنميتها، وقد تم ابتكار المصطلح كتعبير وافد من علم يعرف باسم علم المواد، فيستخدم لوصف المادة التى تتعرض لعوامل خارجية وتستعيد خواصها مرة أخري ليعبر عن المفهوم الدينامي الذى يدل على نشاط أي مادة، ويشير كل حرف من حروف كلمة صمود إلى عملية معينة:
- ص: الصلابة، والمقصود بها مقاومة المحن والإنكسار والوقوف أمام التحديات.
- م: المرونة، وهي القدرة على خلق البدائل وتعديل المسار.
- و: الوقاية الخارجية والداخلية، حيث السمات الشخصية والعوامل البيئية التي تحمي من الخطر.
- د: الدافعية، أي المثابرة.
ولذلك تم إختيار كلمة الصمود وترجمتها لمفهوم Resilience
عوامل تحديد درجة الصمود النفسي
تم تحديد مجموعة من العوامل التى يمكن من خلال قياسها وملاحظتها تحديد درجة الصمود النفسي لدي أي شخص وهي:
- تفاعل الفرد مع الأحداث والمواقف التي يتعرض إليها من خلال الجوانب الإيجابية المعرفية مثل التفاؤل، أو النظرة الإيجابية للأحداث.
- تفاعله مع المواقف من خلال الجوانب الوجدانية مثل الرضا عن الذات أو الإحساس بالسلام الداخلى أو الهدوء النفسي أو الطمأنينه أو مفهوم الذات الإيجابى.
- تفاعل الشخص من خلال الجوانب السلوكية مثل تحقيق أهداف واقعية، التفاعل الإيجابى مع البيئة، ردود الأفعال الإيجابية تجاه المجتمع.
- وكذلك من خلال التماسك الأسري أو أسرة تقوم بوظيفتها الإجتماعية والنفسية وتنمية العادات والمعايير اجتماعية وتأكيد العدالة الاجتماعية وتنمى القيم الجمالية والأخلاقية بأسلوب متزن.
وبناءً على تفاعل جميع العوامل السابقة مع بعضها البعض يتضح أن الصمود مخرج أو نتيجة للجوانب الإيجابية للبيئة المحيطه بالفرد والفرد نفسه وليس مجرد سمة يتسم بها شخص عن آخر، وتقاس درجة الصمود من خلال مدى تحقيق الفرد لنتائج إيجابية لاحقة أو مصاحبة للتعرض للضغوط أو المحن أو الصعوبات.
عوامل تطوير وتعزيز الصمود النفسي لديك
تؤكد الأبحاث أنه كلما تمتعت بالمرونة اللازمة للتفاعل مع البيئة كلما كنت صامداً بشكل يعزز الرفاهية ويحمي من تأثير عوامل الخطر، فعندما تواجه حالة سيئة يمكنك أن تصبح مستاءَ ببساطة بدون أن تستشيط غضباً أو تنزعج من المشاعر السلبية الهائلة التى تمنعك عن التفكير أو الاستجابة وإلقاء اللوم على المحيطين.
إذا لم تكن أحد القادرين على ذلك بالفطرة، يمكنك تعزيز وتطوير صمودك النفسي من خلال:
- وضع خطط حقيقية وواقعية
- اتخاذ بعض الخطوات لمتابعة ذلك
- القة في قدراتك ونقاط قوتك
- تعزيز مهارة حل المشاكل
- تعزيز مهارات التواصل
- التحكم في المشاعر القوية وإدارة الدوافع
أسس الصمود النفسي
كن على يقين أن الصمود ناتج عن قوة داخلية نابعة من الثقة بالنفس، والرضا عن الذات والإحساس بالسلام الداخلى وليس مجرد سمة شخصية، وتتضح أثاره فى الجوانب السلوكية مثل تحقيق الأهداف والتوازن النفسي بشكل عام وجميعها أمور يمكن تطويرها بالممارسة، وللصمود النفسي عدة أسس وهي:(احترام الذات، الثقة بالنفس، المفهوم الذاتي)، وجميعهم موجودين داخل ثلاثة أنظمة عصبية وهى (الجهاز العصبي الجسدي، الجهاز العصبي الذاتي، الجهاز العصبي المركزي)
الصمود النفسي وأهميته للمجتمع
- الصمود النفسي عبارة عن عملية تعرف بالتكيف مع مواجهة الصعاب والأزمات، أو الصدمات النفسية أو تعرض الإنسان للتهديدات أو تعرضه لمصادر صعبة من الضغوط مثل المشكلات العائلية أو المشكلات في العلاقات مع الآخرين، والأزمات الصحية الخطيرة وضغوط العمل والأزمات الاقتصادية، وهو ما يطلق عليه اسم الارتداد من التجارب الشديدة، والارتداد عبارة عن عملية مستمرة من التكيف مع أي أزمة أو صدمة أو تهديد أو مأساة أو أي مصدر ضغط نتيجة لسبب محدد، وكذلك يقصد به العمل على مقاومة الخبرات القاسية والمواقف الضاغطة، ونهوض الفرد بفاعلية بعد المرور بهذه الأزمات والضغوط الخطيرة.
- من ضمن سمات الثبات أو الصمود أنه يتسم بقوة تسمح للأشخاص أن يواجهوا التحديات والعثرات ليحققوا الكفاءة والنمو، ويحاط الإنسان منذ بداية حياته بتحديات كثيرة ليس له خيار غير تجنبها أو التغلب عليها، ولذلك عليه أن يقوم بمواجهتها أو التعايش معها أو محاولة تجاوزها، و من هنا نتعرف على فاعلية الصمود النفسي ودوره الهام في بناء شخصية الإنسان، ونتيجه لذلك يقاس الصمود النفسي بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال توافر المتغيرات الأكثر ارتباطاً به وهى العوامل الوقائية من ناحية وحجم الأزمة كدالة للنتائج الإيجابية أو النواتج السلبية من ناحية أخرى.
ونحن في حاجة كبيرة إلى تنمية الصمود النفسي في الوقت الحالى، لتحصين المجتمع ضد الأزمات والضغوط المتمثلة فى المواقف والأحداث المليئة بالتوترات والمرض والإرهاب والأفكار المتطرفة، وانتشار الفكر المغلوط، والتدهور الأخلاقى وكل الأمور التي أصبحنا نعانى من ويلاتها، وما يجعلنا خائفين هو القلق من انعكاس الأحداث العصيبة على البيئة الاجتماعية النفسية التى نحاول تهيأتها لأطفالنا ليصبحوا أشخاص فعالين في مجتمعهم، وإذا شككت أنك مصاب بإضطرابات نفسية شديدة تحول دون قدرتك على الصمود، فلا تتردد في استشارة طبيب نفس.