الوسواس القهري، هل يعتبر مرض العصر؟
احساسك بالقلق والتشاؤم أو التفاؤم أو الشك أمر طبيعي ولكن عندما تتفاقم هذه الأحاسيس وتكون زائدة عن الحد الطبيعي مثلاً كأن تستغرق في غسل يديك ساعات يومياً، أو تقوم بفعل أشياء ليس لها معني إطلاقاً كأن تقود سيارتك حول منطقة معينة مرات متتالية للتأكد من أنك لم تصدم أحد، عندئذ يكون الوضع غير طبيعي تماماً ويحتاج إلى علاج لأن في هذه الحالة تعتبر هذه التصرفات تابعة لاضطراب الوسواس القهري، هل ترغب في معرفة معلومات أكثر عن هذا الاضطراب؟ قد جمعنا لك كل ما ترغب في معرفته داخل هذا المقال.
المحتويات
ما هو الوسواس القهري؟
الوسواس القهري أو ما يطلق عليه الاضطراب الوسواسي القهري obsessive compulsive، يقع ضمن الاضطرابات المتعلقة باضطراب القلق Anxiety ويتميز بأفكار وسواسية أو مخاوف غير منطقية تؤدي إلى القيام بفعل تصرفات قهرية، وأحيانًا ما يكون الأشخاص المصابون بالوساوس القهرية واعين أن تصرفاتهم نتيجة للوسواس القهري وأنها غير منطقية ويحاولون كثيراً تغييرها أو تجاهلها، لكن محاولاتهم الشديدة لتجاهلها تزيد من مشكلة القلق أكثر، وبالنسبة إليهم فالتصرفات القهرية تعتبر تصرفات إلزامية للتخفيف من الشعور بضائقة معينة، وأحيانا يتمحور الاضطراب في موضوع معين مثل الخوف من العدوى أو الجراثيم.
ولكي يشعر بعض المصابين بالوسواس القهري أنهم آمنون أو بخير يقومون بغسل أيديهم كثيراً حتي أنها تتسبب لهم في جروح وندوب جلدية وتشققات كثيرة، وعلى الرغم من الجهود والمحاولات التي يبذلها المصابون إلا أن الأفكار المزعجة القهرية الوسواسية تواصل المرور عليهم وتتكرر وتتسبب لهم في الشعور بالضيق أو الانزعاج، وقد يؤدي هذا إلى القيام بتصرفات تأخذ طابع شبيه بالمراسم أو الطقوس.
أسباب الإصابة باضطراب الوسواس القهري
ليس هناك سبب واضح وصريح للإصابة بالاضطراب الوسواسي القهري، وهناك نظريات مركزية تفسر العوامل المحتملة والمسببة للاضطراب وتشمل:
- العوامل البيولوجية: هناك أدلة تشير إلى أن أسباب الإصابة باضطراب الوسواس القهري يعتبر نتيجة لوجود تغير كيماوي يحدث في جسم المصاب أو تغير في أدائه الدماغي، هناك ما يدل على أن أسباب الإصابة باضطراب الوسواس القهري يمكن أن ترتبط بعوامل وراثية جينية معينة، ولكن لم يتم تشخيص وتحديد هذه الجينات المتسببة في الإصابة بعد.
- العوامل البيئية: هناك اعتقاد بأن أسباب الإصابة باضطراب الوسواس القهري يحدث نتيجة لعادات وتصرفات تم اكتسابها مع الوقت.
- درجة السيروتوتين غير كافية: السيروتوتين من ضمن المواد الكيماوية الأساسية لعمل الدماغ، وفي حالة إذا كانت درجة السيروتونين غير كافية أو أقل من اللازم يسهم ذلك في الإصابة بهذا المرض، وهذا وفقاً لما أظهرته أبحاث معينة قامت بعمل مقارنات بين أدمغة مصابين باضطراب الوسواس القهري وبين صور لأدمغة أشخاص غير مصابين بالوسواس القهري، ووجدت فرقًا في طرق عمل الدماغ في الحالتين، وقد اتضح أن الأشخاص المصابين بالوسواس القهري الذين يتناولون أدوية رفع فاعلية السيروتونين تقل لديهم أعراض الاضطراب الوسواسي القهري أو تتقلص حدتها لديهم.
- الجراثيم العقدية في الحنجرة: يعتقد البعض أن هذا الاضطراب يمكن أن يظهر عند بعض الأطفال عقب إصابتهم بالتهاب الحلق أو الحنجرة الذي ينتج عن وجود جراثيم عقدية في الحنجرة، وانقسمت الآراء حول مصداقية هذه الاعتقادات ومن الهام تدعيم هذه الأبحاث بالمزيد من الأدلة والدراسات حتى يتم التأكد أن الجراثيم العقدية الموجودة في الحلق يمكن أن تسبب الإصابة به.
أعراض الوسواس القهري
الاضطراب الوسواسي القهري أعراضه تنقسم إلى أعراض وسواسية وأعراض قهرية
الأعراض الوسواسية للوسواس القهري:
أعراض الوسواس القهري الوسواسية هي تخيلات وأفكار تتكرر على المصاب بشكل غريب وتعتبر أفكار عنيدة ولا إرادية، وتعرف بدوافع لا إرادية لا يتواجد بها أي منطق، وهذه الوساوس عادة ما تثير الضيق والإزعاج عند محاولة الفرد توجيه تفكيره إلى أمور أخرى أو عند قيامه بفعل أعمال أخرى، وهذه الوساوس تتمحور حول موضوع محدد في الأغلب، مثل:
- الخوف من التلوث أو الاتساخ
- الرغبة في التناظر أو الترتيب
- رغبة عدوانية شديدة
- تخيلات أو أفكار تتعلق بالجنس.
بالنسبة للأعراض الوسواسية فهي تتعلق بأفعال معينة مثل:
- الخوف من العدوى عند مصافحة الآخرين، أو عند لمس أغراض تم لمسها من قبل.
- شكوك متعلقة بقفل الباب، أو إغلاق الفرن.
- أفكار تدور حول التسبب في إذاء شخص ما في حادثة معين.
- تخيلات حول أنه سوف يلحق الأذى بأبنائه.
- يكون لديه رغبة كبيرة في الصراخ في أوقات غير مناسبة ولا تتطلب ذلك.
- الابتعاد عن عن المواقف التي قد تثير الوسواس لديهم مثل المصافحة.
- تخيلات وأفكار متكررة لمواضيع جنسية إباحية
- التهابات وتشققات وندوب في الجلد نتيجة لغسل الأيدي بطريقة قهرية متكررة.
- الصلع الموضعي الذي يحدث كنتيجة لنتف الشعر أو تساقط الشعر.
- الشعور بضائقة قوية عندما تكون الأغراض غير مرتبة بشكل محدد أو أن هذه الأغراض لا توجد في المكان المحدد لها ولا تتجه لاتجاهها الصحيح.
الأعراض القهرية للوسواس القهري:
أعراضه القهرية عبارة عن تصرفات متكررة نتيجة لدوافع ورغبات جامحة لا يمكن للفرد السيطرة عليها، ويفترض من تأدية هذه التصرفات المتكررة أن تخفف من شدة القلق أو حدة الضائقة المتعلقة بالوسواس، فمثلاً بالنسبة للأشخاص الذين يعتقدون أنهم قد دهسوا شخصاً ما يعودون بشكل متكرر إلى مكان وقوع الحادث حيث أنهم لا يملكون قدرة على التخلص من شكوكهم، وقد يخترعون أحياناً طقوس أو قوانين لتساعدهم على التحكم بشعور القلق المستثار لديهم نتيجة لهذه الأفكار الوسواسية، والتصرفات القهرية أيضاً كالأفعال الوسواسية ترتبط بشكل عام عند الأشخاص المصابين بـ الوسواس القهري بموضوع معين، وتتحمور حول:
- الاستحمام والنظافة
- العد المتكرر
- الفحص مراراً وتكراراً
- الحاجة إلى التعزيز
- التأكد من عمل شيء معين عدة مرات.
- الاهتمام بالنظام
والأعراض المتعلقة بالتصرف القهري تشمل كلاً من:
- غسل الأيدي بشكل متكرر حتي يتقشر جلدهم.
- فحص متكرر للتأكد أن الأبواب مقفلة.
- الفحص المتكرر للتأكد أن الفرن للتأكد مطفأ
- الإحصاء والعد بأنماط محددة.
تشخيص اضطراب الوسواس القهري
يقوم الطبيب بإجراء فحوصات طبية أولاً للمريض للقيام بتشخيص اضطراب الوسواس القهري عندما يشك في إصابته بهذا الاضطراب ومن ثم يقوم بعمل فحوصات نفسية، والفحوصات التي يتم عملها تساعد كثيراً في تشخيص اضطراب الوسواس القهري، وهذا عن طريق استبعاد الحالات الطبية التي قد تعمل على ظهور نفس الأعراض وتساعد في معرفة المضاعفات الإضافية ذات العلاقة بهذا الاضطراب، وتشمل الفحوصات المستخدمة في تشخيص اضطراب الوسواس القهري على الفحص البدني أو الجسدي والفحص مخبري والتقييم نفسي
أسس تشخيص اضطراب الوسواس القهري تتمثل في:
- الشخص المصاب يتصرف بشكل وسواسي قهري.
- المريض يلاحظ أن تصرفاته غير منطقية أو مبالغ فيه.
- السلوك الوسواسي القهري يؤثر بالسلب على حياة المريض اليومية أو الروتينية بشكل واضح.
سلوك المصاب الوسواسي متعددة ويجب أن يتسم بمعايير معينة وهي:
- أفكار وتخيلات ورغبات متكررة ودوافع مقلقة تسبب أزمة أو ضائقة له
- أفكار الشخص الوسواسية لا تعتبر سوي قلق مبالغ مرتبط بمشاكل حياتية واقعية.
- يحاول المريض تجاهل وينكر هذه الأفكار، والرغبات والتخيلات.
- يعلم المصاب بالمرض أن الأفكار، أو التخيلات هي في الأساس من نسج خياله.
سلوك المصاب القهري يجب أن يتسم بمعايير معينة هي:
- القيام بفعل أمور معينة بشكل غير إرادي ومتكرى، مثل العد المتكرر في الدماغ أو غسل اليدين
- السلوك القهري هدفه الحد من أو منع الضائقة الناتجة عن الوساوس غير الواقعية.
عوامل خطر الإصابة بالوسواس القهري
قد انتشر اعتقاد بأن اضطراب الوسواس القهري مرض نادر ولكن من المعروف أن هذا الاضطراب أصبح منتشراً أكثر من أمراض نفسية أخرى، في أحيان كثيرة يظهر في سن مبكر كمرحلة الطفولة أو المراهقة، وفي سن العاشرة عادةً، أما بين الأشخاص البالغين يظهر المرض تقريباً في سن 21 عام، هناك عدة عوامل خطر لاستثارة الوساوس القهرية وهي:
- التاريخ العائلي أي إصابة أحد أفراد العائلة بهذا المرض.
- إذا كانت حياة المريض ممتلئة بالتوتر والضغط.
- الحمل قد يتسبب في الإصابة بهذا الاضطراب بشكل كبير.
مضاعفات الوسواس القهري
مضاعفات الوسواس القهري تشتمل على:
- تكرار الأفكار الانتحارية ومحاولة الانتحار.
- الإدمان على الكحول، أو الإدمان على مواد أخرى.
- اضطرابات آخري ذو علاقة بالقلق
- الإصابة بالاكتئاب
- اضطرابات الأكل والشهية
- التهاب في الجلد نتيجة لغسل الأيدي بوتيرة عالية
- ثقل قدرة المصاب على التعلم أو العمل.
- بناء علاقات اجتماعية فاشلة وغير صحية.
علاج اضطراب الوسواس القهري
علاج اضطراب الوسواس القهري يعتبر عملية غير مضمونة ومعقدة جداً، وأحيانًا قد يتطلب العلاج في حالات معينة للمواصلة ويستمر مدى الحياة، وعلاج اضطراب الوسواس القهري له فوائد عديدة في مساعدة المصاب على التحكم في الأفكار والتخيلات والرغبات الوسواسية القهرية ومواجهتها ومحاولة منعها من التحكم في مجريات حياتك.
هناك نوعان يتم اتباعهم في علاج اضطراب الوسواس القهري وهما العلاج الدوائي والعلاج النفسي، ويختلف علاج اضطراب الوسواس القهري من مريض لأخر، حسب تفضيلاته ووضعه الشخصي، وفي الأغلب الدمج بين العلاج النفسي والدوائي يعطي نتائج جيدة جدًا.
العلاج الدوائي
يتم باستخدام مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRI)، وهي تساعد في زيادة كمية السيروتونين في أماكن معينة في الدماغ والتي لها علاقة بالوسواس القهري، تستغرق الأدوية وقت لكي تؤثر في أعراض اضطراب الوسواس القهري وتتراوح بين من 8 إلى 12 أسبوع.
العلاج النفسي أو السلوكي المعرفي
المعالجة المعرفية أو الإدراكية السلوكية Cognitive behavioral therapy – CBT تعتبر الطريقة الأفضل في العلاج من هذا المرض، وهو عكس العلاج النفسي المستخدم في باقى الاضطرابات فالعلاج السلوكي المعرفي يحدد الهدف ويطلب من المصاب عمل تمارين معينة ويقوم بشراء الأدوات التي ظهر أنها فعالة في تعامل المصابين.
نصائح للتعامل مع المصاب
التعامل مع مريض الوسواس القهري قد يكون صعبَا جدَا ولذلك نقدم لك أهم النصائح التي ستساعدك في التعامل مع المريض، وهذه النصائح هي:
- مساعدة المصاب في الذهاب إلى الطبيب النفسي المختص ومحاولة التواجد معه أثناء العلاج، لأن المريض قد يصاب بالإحباط جراء محاولته العلاج دون وضوح علامات التحسن.
- مساعدة المصاب بالوسواس القهري لأنه قد يفقد رغبته في القيام بأي عمل لأنه لا يركز إلا على مرضه، فلذلك من الضروري مساعدته على ممارسة أنشطة متنوعة مثل الرياضة أو المشي أو أي نشاط أخر.
- مساندة المصاب بالتحدث والإستماع إلي ما يقوله المصاب فهذا يعتبر مفيد جدَا في علاجه، وحان أن تتجنب الإنفعال عند سماع أفكاره الغريبة.
- تجنب الإنفعال فحاول أن تتجنب التعصب إذا تراجع المصاب إلى المرض بعد العلاج، فهذا الأمر قد يحدث ويعتبر شيء طبيعي لذلك لا تتأثر بل قم بتقبل الأمر وانتظر تحسنه مرة أخري.
- عدم الإستعجال والصبر على ظهور النتائج فهذا الأمر سيساعد المصاب على التخلص من وساوسه بصورة تدريجية، أما الاستعجال فله أثار سلبية على العلاج.
- تذكر أن من يفكر ويتحدث إليك هو المرض ليس الشخص نفسه، خاصةَ إذا شعر المصاب أن محاولتك لمساعدته هو أمر مرغوب فيه منك.
- كن أكثر تفهماً وصبراً على المصاب، لأن صبرك يعتبر طريقة مفيدة للتخلص من المرض.
- لا تتوقع الكثير من المريض، وحاول أن تقوم بتوجيهه لفعل أشياء إيجابية.
- تذكر أن المريض يكره هذا المرض، لذلك لا تحاول دفعه للتخلص من المرض بشدة.
- بعد شفائه كن أكثر حذراً من أن يحدث له إنتكاسه مرة أخرى وعامله بطريقة طبيعية.