اضطراب الشخصية الاعتمادية وعلاقته بانغلاق الذات والتفكير بالانتحار
قد تجد أن أحد المقربين منك مصاب بمشكلة اضطراب الشخصية الاعتمادية وتشعر بالإستياء حيال هذا الأمر ومن عدم قدرته على التواجد بمفرده أبداً أو اعتماده على من حوله كثيراً، ولكن أنت لا تعلم أن السبب في وصول هذا الشخص لهذه الدرجة الصعبة من اضطراب الشخصية وأنه قد أصبح شخص اعتمادي هي أسباب تربوية وكذلك مواقف طفولية مرت عليه وهو صغير، وربما إن قومت بالتعرف على هذه الأسباب تشعر بالرغبة في مساعدة هذا الطفل بدلاً من الاستياء منه أو تأنيبه، وفي هذا النقال سوف نلقي نظرة أشمل على اضطراب الشخصية الاعتمادية والأسباب وكذلك كيفية علاجها.
المحتويات
تعريف اضطراب الشخصية الاعتمادية
اضطراب الشخصية الاعتماديةDependent personality disorder بالإنجليزية ويعرف بشكل مختصر باسم الشخصية الاعتمادية والذي كان يسمى من قبل باسم اضطراب الشخصية الواهنة asthenic personality disorder وهوضطراب شخصية يعرف بالاعتماد النفسي الزائد علي الغير، وهذا الاضطراب يعتبر حالة طويلة المدى، فيها يعتمد الشخص المصاب علي غيره للقيام بإشباع احتياجاته الجسدية وكذلك النفسية، مع تحقيق درجة بسيطة وضعيفة من الاستقلالية.
إن الشخصية الاعتمادية تعد من الشخصيات مصابة الانزعاج العصبي، فصاحب شخصية الاضطراب الاعتمادي يتميز بأنه لا يستطيع البقاء وحده لفترة طويلة، وإذا حدث وقام بالاعتماد على نفسه تبدأ أعراض اضطراب الانزعاج العصبي في الظهور ويمكن أن تصل به إلى درجة الهلع، وهذا لأنه يعتمد على من حوله أكثر بكثير من المعتاد أو أكثر من اللازم وخاصة لأنه يرغب في الحصول على شعورالراحة وكذلك الأمان والدعم العاطفي.
وإذا تسألنا عن سبب اضطراب الشخصية الاعتمادية فإنه حقيقة غير معروف، وقد أوضحت بعض البحوث وأيضاً الدراسات التي تمت في عام 2012 أنه يوجد ما بين 55 % و 72% من الأشخاص المعرضين لأن يصابون باضطراب الشخصية الاعتمادية نتيجة عامل وراثي أي وراثة من أحد الأبوين، وهذا الأمر الذي يجعل تشخيص اضطراب الشخصية الاعتمادية شديد الحساسية بشكل كبير خاصة تجاه التأثير الثقافي وبكلامنا نقصد التوقعات المرجوة لأدوار الجنسين.
اضطراب الشخصية الاعتمادية يصيب حوالي 0.6 ٪ من السكان بشكل عام، ويتم تشخيصه بدرجة أكبر في الإناث عنه في الذكور، إلا أنمع ذلك، الأبحاث تشير إلى أن السبب في ذلك يرجع لحد كبير إلى الاختلافات السلوكية الكبيرة في الإبلاغ الذاتي أو المقابلات أو وصف الذات، وليس سببه اختلاف معدل الانتشار بين الجنسين.
دراسة توأم في عام 2004 تشير إلي زيادة تأثير العامل الوراثي في نمو وتطور اضطراب الشخصية الاعتمادية، ولذلك فإن هناك دليل قوي بأن اضطراب الشخصية الاعتمادية منتشر في العائلات والأسر، وأن الأطفال وأيضاً المراهقين الذين لديهم تاريخ مرضي من اضطرابات القلق أو بعض الأمراض الجسدية أكثر تعرض لاكتساب هذا الاضطراب (اضطراب الشخصية الاعتمادية).
سمات الشخصية مصابة الاعتمادية
الشخصية الاعتمادية تتركز على عدم قدرة الشخص على البقاء منفرداً لفترة طويلة ولديه رغبة مُلحة في استمداد أو الحصول على الدعم العاطفي من الآخرين، ولهذا فإن أبرز سمات الشخصية الاعتمادية هي ما يلي :
- خضوع هذا الشخص للآخرين إلى الدرجة التي تجعلك تشعر ببلاهة في تصرفاته في بعض الأحيان.
- الاعتماد بشكل مستمر على الأسرة والأصدقاء لاتخاذ القرارات أو الرغبة فيفعل بعض الأشياء.
- الحاجة المستمرة للشعور بالطمأنينة والرغبة في أن يخبره أحد أن كل شيء على ما يرام.
- عدم مقدرة الطفل على البعد عن الآخرين وعدم وجود رغبة في البقاء منفرداً
- الخوف من الرفض الدائم.
- الخوف الدائم من رفض الأصدقاء أو هجر المقربين له.
- الإصابة بأعراض اضطراب الانزعاج العصبي إذا اضطر إلى البقاء وحيداً لفترة.
أعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية
قد تسأل نفسك ما هي اعراض اضطراب الشخصية الاعتمادية التي يمكن أن تظهر على أحد الأشخاص من حولك وتريد معرفة كيفية عرض المساعدة عليه، لهذا جمعنا أبرز الأعراض الخاصة باضطراب الشخصية الاعتمادية:
-
تقبل الخضوع أو الإهانة
قد تجد هذا الشخص لا يرغب أبداً في تغيير المواقف التي يشعر فيها بالخضوع وكذلك الإهانة من قِبل الآخرين لأنه يعتمد عليهم كثيراً ولا يريد الابتعاد عن هؤلاء الأشخاص.
-
الرغبة الدائمة في الدعم العاطفي
دائماً ما يطلب هذا الشخص المصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية الطمأنينة ويكون لديه قلق دائم، فهو في الأغلب ما يطلب من الأشخاص حوله الدعم العاطفي، ويشعر بالراحة الكبير في تواجد الكثير من الناس حوله.
-
القلق من البقاء بمفرده دائماً
دائماً يخاف هذا الشخص المريض من هجر الأصدقاء له ويكون لديه هلع دائم من رفض الذين حوله للتواجد معه، لأنه يعتمد على هؤلاء الأشخاص بشكل كامل، ولذلك تجد الشخص المصاب باضطراب الانزعاج العصبي القوي إن أصبح بمفرده لاعتقاد المصاب بأنه لا يستطيع الاعتناء بنفسه جيداً وأنه لا يستطيع أبداً أخذ قرار في حياته.
-
الخوف الدائم من النقد
إن كنت ترغب في توجيه أي نصيحة للشخص مصاب اضطراب الشخصية الاعتمادية أو تخبره بأي ملاحظات تراها في شخصيته، فغالباً ما تجده خائفاً من هذا الأمر لأن هذا يعني له أنك تريد هجره أو تركه.
ويجب الإشارة هنا إلى أن اضطراب الشخصية الاعتمادية تصنف ضمن تصنيف C للشخصيات، أي أنها تعتبر من الشخصيات التي غالباً ما تجدها في حالة كبيرة من القلق وأيضاً الانزعاج العصبي بسبب الاعتمادية بشكل دائم على الآخرين وليس فقط مجرد التصرف بعض التصرفات اللامنطقية أو الغريبة.
جمعية الطب النفسي الأمريكية
الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية يحتوي على (DSM -IV -TR) تشخيص لاضطراب الشخصية الاعتمادية، ويشير اضطراب الشخصية الاعتمادية بأنه حاجة مفرطة أو متفشية إلى أن يعتني به الأشخاص الآخرون، هذا هو الأمر الذي يؤدي إلى سلوكيات منقادة أو خاضعة لتوتر أو قلق الانفصال، وتبدأ في الظهور من وقت مبكر جداً في مرحلة البلوغ، ويمكن أن تكون متواجدة في مجموعة مختلفة من السياقات.
منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية أدرجت اضطراب الشخصية الاعتمادية ويتميز بما لا يقل عن٣ من التالي:
- السماح الدائم للأخرين بإتخاذ أهم القرارات في حياته وتشجيعهم على هذا الأمر.
- تحديد احتياجات الشخص المصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية عليحسب احتياجات الأشخاص الآخرين الذين يعتمد عليهم، وإمتثال ليس له مبرر لجميع رغباتهم.
- عدم الرغبة في صياغة أو خلق مطالب تجاه الأشخاص الذي يقوم بالاعتماد عليهم.
- الشعور بعدم الراحة أو العجز عندما يكون هذا الشخص وحيداً، بسبب المخاوف الموجودة لديه والمبالغ فيها وهي تتضمن عدم قدرته على رعاية نفسه.
- الانشغال بمخاوف من أن يتخلي عنه أحد وخاصة إذا كان شخص قريب منه، أو من أن يتم تركه للقيام برعاية نفسه.
- القدرة المحدودة على اتخاذ القرارات اليومية دون كمية كبيرة من النصائح والحصول علي الطمأنينة من الآخرين.
- ويمكن أن تشتمل كذلك بعض الميزات التي تكونمصاحبة لهذا الاضطراب إدراك الذات كما لو أنها عاجزة، وتفتقر إلى القدرة على التحمل، أو غير كفء.
تقسيم فرعية ميون
حدد عالم النفس ميون خمس أنواع فرعية من اضطراب الشخصية الاعتمادية، حيث أن أي شخص لديه الاضطراب الاعتمادي قد يظهر واحداً أو أكثر أو لا يظهر شيء من هذه الأنواع الفرعية التالية:
النوع الفرعي( مرتبك، إيثاري، غير ناضج، متأقلم، غير فعال )
- الوصف (المرتبك – يتضمن صفات اجتنابية) العادات الشخصية (ضطرب بلا راحة ، يشعر بالرهبة والنذير، مرتبك وعبوس، عرضة للهجر، وحيدا إلا في حالة تواجده بالقرب من الأشخاص الداعمين له).
- الوصف (إيثاري – يتضمن صفات مازوخية) العادات الشخصية (يندمج مع الآخرين ويستغرق في ذلك، منهمك، غارق، يتخلي بإرادته عن هويته الخاصة، ويصبح واحداً أخر أو إمتدادا للآخر).
- الوصف (غير ناضج – نوع من النمط النقي) العادات الشخصية (غير معقد، غير متمكن، نصف نامي، طفولي، غير مطور، ساذج، انعدام الخبرة، غير قادراً على تحمل مسؤوليات الراشدين).
- الوصف (متأقلم – يتضمن صفات هيستيرية) العادات الشخصية (كريم،مقبول، تواق،ودود، متوافق أو مذعن، خيّر، ينفي المشاعر المزعجة، يتبنى الدور الأدنى).
- الوصف (يتضمن صفات انعزالية) العادات الشخصية (غير منتج، غير كفء،غير قادر علي الكسب، يسعى لحياة خالية من المشاكل، ولا يزعجه التقصير، ويرفض التعامل مع الصعوبات).
التشخيص التفريقي
عادة ما تتواجد الحالات التالية بصورة كبيرة ومصاحبة لاضطراب الشخصية الإعتمادية أو الاتكالية
- اضطرابات المزاج
- واضطراب الشخصية الحدية
- اضطرابات القلق
- اضطراب الشخصية التجنبية
- اضطراب التكيف
- اضطراب الشخصية الهستيرية
كيف أتعامل مع هذه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ الاعتمادية ؟
ستجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الشخص المصاب بهذا الاضطراب، فإذا كنت تتحمل مسؤوليات الشخصية المصابة إلي جانب مسؤولياتك الشخصية الأخري فهذا سيشعرك بالضغط النفسي الكبير وعدم الشعور بالراحة بشكل جيد، لهذا إليك هذه النصائح :
- حاول تشجيع المصاب لكي يتوجه للطبيب النفسي المختص، وكذلك تشجيعهم على عدم الاستسلام أبداً للاضطراب النفسي الذي يمرون به.
- حاول أن تحافظ على الدعم العاطفي طوال فترة العلاج وإحرص على إخبارهأن العلاج لا يعني أبداً الهجر والقيام بالابتعاد عنهم.
- من المهم جداً أن تتواصل مع الطبيب النفسي حتى تستطيع التعامل مع المصاب والقيام بوضع الحدود التي تجعلك متمكن من التعايش الهادئ دون أن تتحمل كثيراً من الضغوطات النفسية.
- إن إصابة أحد الزوجين بهذا الاضطراب سيؤدي إلى الكثير من العواقب على الشريك الآخر، لهذا يجب علي الشخصية الاعتمادية في الزواج الخضوع للعلاج النفسي السلوكي.
علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية
يعتمد علاج الشخصية الاعتمادية على نوع العلاج المعرفي السلوكي، ويصاحبه كذلك العلاج الدوائي اللازم للتغلب على أعراض اضطراب الانزعاج العصبي، على النحو التالى :
العلاج المعرفي السلوكي
يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى:
- جعل المصاب باضطراب الشخصية الاعتمادية أكثر اعتماداً على نفسه.
- تدريب الشخص في التحكم بأعراض القلق واضطرابات الانزعاج العصبي.
- تدريب المصاب على تكوين علاقات صحية سليمة.
- يهدف كذلك العلاج المعرفي إلى جعل الشخص المصاب بالاضطراب الاعتمادي أكثر نشاطاً وأكثر تركيزاً على مصالحه وأهدافه.